مع شام إف إم - الحلقة الأولى


Sham FM

المقدم: في أعمال التشكيلي سبهان آدم كائنات و أشكال مثيرة للدهشة. كائنات العزلة كما يسميها آدم تبدو مرتاحة جداً لظهورها علناً هكذا على القماش مرتعشة الأصابع، هزيلة الجسد، متعبة من رحلة و حياة خاضتها في شقاء ليس له حد، و رغم احتجابها الطويل في ذاكرة كل منا إلا أنها اليوم قبلت لأول مرة دور البطولة و وافقت مع سبهان آدم على التموضع في مرسمه لتنتقل لاحقاً إلى لوحاته احياناً يظهر تكوين ما أزرق العينين إنه ذكر و لاشك يحكي من خلال بضع آثار للريشة قصة حياته كيف وصل إلى لحظة لم يعد راغباً فيها بالاستمرار. يبدو آدم و كأنه قد دخل سلفاً إلى عوالمنا الداخلية إلى عقلنا الباطن إن صح التعبير في لحظة واحدة و استطاع أن يصور كبرى مخاوفنا و قلقنا من أن نصل في يوم من الأيام من أن نصل إلى نفس الحالة التي وصلت إليها هذه الكائنات. هذا اختصار موجز جداً ربما لسرد عن لوحة لكن كما هي كائناته التي وافقت على الظهور في اللوحات اليوم يوافق سبهان آدم على الظهور بالصوت لكم أنتم في هذه الحلقات. هذه الحلقة الأولى أهلاً بكم.

المقدم: حين دخلت منزل سبهان آدم للمرة الأولى بعد أن شاهدت صوراً كثيرةً لهذا المنزل في كبرى الدوريات الفنية، كنت مسكوناً بكثير من الأفكار المسبقة عن الرجل، كنت اتوقع أن أقابل رجلاُ صعب المراس يسكنه التكبر أو على الأقل غير راغب في الحديث كثيراً هكذا قيل لي، ففنان تشكيلي بلغ العالمية قد لحقته الثرثرة الفنية في كل مكان مما جعلني كما غيري أتوقع صعوبةً في التواصل مع الرجل لكن آدم الذي بدا قلقاً بالنسبة لي في لقائنا الأول كرر معي الصدمة ذاتها التي تلقيتها عندما شاهدت لوحة له أول مرة. أظن أن من منكم حظي بلقاء لوحات سبهان آدم يعرف عن أي صدمة أتحدث. أول انطباع تولد لدي في ذلك المنزل الدمشقي هو أنه مختلف تماماً عن اللوحة التي ينتجها آدم فاللحظة التي يظهر فيها كائن قلق متعب متقشف و قد أنهكته الحياة مختلف عن المنزل المترف و الذي يحتوي على كل وسائل الراحة و على الكثير من الكتب و الكتيبات التي تتحدث عن سبهان آدم. هذا التناقض بين اللوحة و المنزل لذات الرجل يفسره سبهان آدم.

سبهان آدم: بصراحة هو طبيعي لأنه أنا بحب يكون في ترف، أنا بتوقع أعمالي على هامشيتها و تطرفها و غموضها طبعاً كائنات الهامش كائنات العزلة بتحتمل أنه في يعني جو بيرعاها ببذخ و بإفراط في البذخ يعني بتوقع هيك يعني، أنا كتير راعي للأعمال تبعي برعاها حقيقةً بلطف شديد أكتر من الآباء لأبنائهن.

المقدم: بيشبهوك سبهان؟

سبهان آدم: و الله أنا بستمتع فين بيشبهوني أي، مرة بيعارضوني صح يعني ضدي بيكونو بس بحترم المعارضة تبعن.

المقدم: هاد التكوين اللي عم نشوفه هلئ بلحظة معينة و أنت عم ترسم ممكن تحاكيه؟ تسميه اسم؟ هيك تمارس معه طقس بيختفي بعد انتهاء اللوحة؟

سبهان آدم: أي طبعاً هو بيختفي و انا طبعاً بصير بترك الزمن فاصل بيني و بين أعمالي بتفاجئ بنتائج أنه أنه هل أنا فعلاً استطعت أنتج هيك أعمال و كيف ظهر، بتسائل مع نفسي كتير كمان في الآخر أتوقع اللي هو خارج أعمالي أو بيشوفها هو بيعطي للعمل تبعي قوة للوجود تبعه، قوة أدرينالين يعني قوة طاقة مذهلة لتثبيته ككائن يعني ممكن انت تشوف أعمال كتير فنية

أوك لطيف، ألوان، شغلن عمل بس غير ناطقة ما فيها هاد الدافع و أنا الأعمال تبعي تضخ بشكل لا يتوقف من الأصوات ،

تضخ كتير معنويات، تضخ كتير قوة هاد أمر مهم جداً.

المقدم: مسوخ وأشكال سرمدية، شياطين، مخلوقات غريبة كل هذه أوصاف أطلقت على لوحات آدم المنتشرة في كل أنحاء العالم حاملةً معها أفكاراً تشبهنا و تخيفنا احياناً، فمن هذا الكائن الغريب الذي يطل من إطار لوحاته. يقول سبهان

سبهان آدم: هادا الكائن ما ولد بشكله و خطوطه بشكل مباشر هو ولد من المخيلة تبعي و ممكن نحتمل و نفكر أنه هو إله طاقة خاصة فيه من الصعب نسميه عنيف أو قاسي أو مسخ أو لطيف يعني هي التسميات أنا ما كتير بشوفها دقيقة لما أنجزه لأنه إذا في شخصين من الكائنات الحيوانية صرصورين صرصور أنثى و صرصور ذكر، كيف يتبادلان رسائل العشق؟

حتماً الصرصور الأنثى عند الذكر هي أجمل الكائنات، هل الصرصور هو كامل و جميل؟

لا.

هدول الأشخاص اللي برسمهن هنن ألن بيئتن الخاصة، ألن علاقاتن، أشيائن، ألن قصائد الحب المهموسة ما بينهم. صعب انه نمزج هادا الكائن البشري أنه نعطي صفة الجمال أو اللاجمال هذه معايير نسبية معايير غير دقيقة، أنا لا أرتبط بأعمالي بالإنسان إنما اخلق كائن إله دافعه السيكولوجي دافع التحريض ممكن دافع التمرد، دافع العزلة، دافع التوحد، دافع الأمراض السيكولوجية من التقريب أتوقع انه العمل تبعي إله المنحى هاد بياخد أكتر. طبعاً هاد إله ارتباطاته بالتعبيرية طبعاً التعبيرية الخاصة فيي ما بحكي عن التعبيرية الموجودة في ألمانيا مثلاً لا يعني أنه ما عندي قرابات جيدة مع فنانين مت( إيغون شيلي) أو كينت أو متل (سوتي) مثلاً لكن أنا أعبر عن طاقة الفرد بعزلته و بمشاكله. الكل بيعاني من هذه المشكلة أتوقع الرابط ما بين عملي و ما بين الإنسان هو هذه الخطوط القوية اللي عم تربط ما بين عملي و ما بين الأوضاع المكركبة بالعالم عنا أمراض نفسية و حروب و مشاكل و دمار و الفوارق الاجتماعية مرعبة ما بين الطبقات الاجتماعية مثلاً في كل العالم.

المقدم: إذا توجهت إلى قهوة الروضة الشهيرة بمثقفيها أو إلى أي صالة فنية وأنصت جيداً إلى من هم حولك ستسمع الكثير من الشائعات عن فنان بحجم آدم الذي أصبح ظاهرة فنية خاصة. اكثر ما يؤخذ على آدم هذه الأيام هو أنه أخذ يكرر اللوحة ذاتها و لم يعد يأت بجديد و يقال بأن هذه اللوحة التي نجحت بيوم من الأيام بمفهوم السوق لابد أن يتمسك بها سبهان و يستمر في إنتاجها طالما كان هناك قبول من مقتني الفن.

سبهان آدم: الحقيقة هو أنه العمل تبعي أله بصمة و هوية. أي عمل فنان في العالم هو لوحة وحدة عم تنتج عم تتوالد منها آلاف اللوحات طبعاً بتغيراتها و بطبيعتها. أنا العمل تبعي و ربما هذا أمر غير طبيعي أو طبيعي لا أعرف في إنتاج وفرة بالإنتاج هائل. الإنتاج السنوي يتجاوز السبعمية أو تمانمية لوحة سنوياً من الأعمال الضخمة و هادا الرقم ليس ببسيط طبعاً. لكن عملي يتيح التكنيك المادي الطاقة الشرسة او الطوربيد الداخلي تبعي عم يتيح أنه أرسم بهي الكثافة و عم يساعد. في آخرين أيضاً فنانين بينجزوا أعمال محدودة العدد بسنوات لا يمنع أن يكون هذا جيد و لا يمنع أنه يكون هذا غير جيد بالنتيجة عندك أسماء ضخمة متل بيكاسو اشتغلوا على مشاريع و أعداد و منتوجات ضخمة بأعمال الرسم و الحفر و المنحوتات و كل حدا بيشوف الاسم لحد الآن هو ساطع بالنتيجة أنا أتوقع هو الموضوع مش الكثرة أو القلة هو الفكرة كيف الواحد بيختط لنفسه خط خاص كيف أعماله عم تتوزع في العالم. الكائن البشري بثقافاته ببلدانه أنا عملي هو غير منتج لمنطقة اسمها دمشق و سورية هي موجودة بالعالم العربي في أماكن أخرى. كيف تغطي هالمساحة الهائلة من الديموغرافية السكانية أو الجغرافية بعمل منتوج سنوي لا يثقل المية أو المئتين أنا حقيقة أتمنى إني أنتج آلاف و آلاف و آلاف الأعمال أتمنى أني امتلك الطاقة أني اشتغل هالأعمال بتقنية يعني أدخل بأعمال النحت مثلاً أدخل بأعمال المحفورات أدخل بما أله علاقة بالخزف مثلاً. أتمنى حقيقة ما بعرف كيف أنه يتحقق هادا الأمر لكن سأسعى بالسنوات القادمة انه أدخل بهي المناخات الجديدة.

المقدم: من مننا يرغب أن يزين صالون منزله بلوحة قد يراها البعض تصور مسخاً-عذراً سبهان- لكن هذا ما يقوله الناس فمنظر طبيعي أو لوحة لسيدة جميلة ستبدو أكثر قبولاً في منازلنا. هذا كان قبل سبهان لكن هذه المعادلة الخاصة قلبها سبهان و اجبر محبي اللوحات على تعليق لوحاته الاستثنائية في غرف نومهم. سيجرح الآن آدم مقتني لوحاته و حتى الراغبين في اقتنائها.

سبهان آدم: هلئ أنا ما توقعت أنه تزبط بس أتوقع أنه المروجين اللي عم اشتغل معن من تجار فن و من غاليري هنن عم يقوموا بدور إيجابي بإيضاح عملي طبعاً هنن ما ظهرت المحبة بشكل سبحاني أو من الله لا هو ظهر بالنتيجة من معرفتهن بما تم إنجازه من أعمالي اللي في باريس مثلاً و في أماكن اخرى ممكن هنن أتوقع أنن أخدوا القطعة الثمينة لكائن أو لرسام متل سبهان آدم، الـآن عم يتم نشروا على المستوى المحلي أو العربي يعني الصراحة ما بعرف هو دايماً هاد السؤال بيكركبني بس عم أتوقع الآخرين اللي عم يضعوا الأعمال في بيوتن أنه بيفهموا أعمالي ما بيتجاوزا عشرة بالمية تسعين بالمية هنن الغالبية استثمار أو شراء للاسم أو نوع من المظاهر البرستيج يعني لا تنسى أنه إلي أعمال في أماكن كثيرة الموجودة عنو هي أعمال المطلوب تكون عنده هيك اسم ماركة في بيته نوع من التباهي الاجتماعي منسميه. الصراحة مو صحي هاد الأمر بس يعني مقبول بالنتيجة بس المفروض العمل اللي بياخده يكون شخص يمتلك الثقافة و الحب تجاه العمل تبعي بس مع الأسف أنه حتى لو امتلك الحب و الثقافة بيكون العمل تبعي شراءه صعب عليه و أنت ادرى بالمجتمع و بثقافته صعب الأمر. أنا الآن صعب أعطي جواب دقيق لسؤالك لأن أنا لازلت بمرحلة التفكير و التمعن فيما يحصل معي.

المقدم: عم نحكي عن الناس ممكن أنه يجتمع عندن المال والغنى و الثقافة و التذوق لأعمال أي فنان، ممكن أنه نلاقي هي المعادلة موجودة؟

سبهان آدم: هاد حتماً صعب.

سيعود آدم للحديث غداً في نفس الموعد لكم مني في الإعداد و التقديم قصي عمامة و في الإخراج سعد سواس كل التحية.